ثمة لحظة، لا تُعلَن، يضيق فيها المعنى بكل صخبه، ويتحوّل فيها الكلام إلى ضجيجٍ عاجز عن التسمية. لحظة ندرك فيها أن العالم لا يُنقَذ بشعاراتٍ فضفاضة، بل بإصرارٍ هادئ، مراوغ، على إضاءة الزوايا التي أخفاها العُنفُ بتواطؤِ العادة. "جدل" لم يولد من فراغٍ ولا من رغبةٍ في قولٍ جديدٍ بلهجةٍ قديمة، بل من حاجةٍ ملحّة إلى استعادة ما تم انتزاعه منّا: جوهر الإنسان حين يتكلّم بلا قيد، ويحيا بلا أقنعة، ويفكّر بلا خوف. أردناه مساحةً لا تخجل من الاختلاف، ولا تخشى السؤال، ولا تُصادر حقّ أحدٍ في الحضور الكامل، مهما بدا صوته نشازًا في جوقة المُطْبِقين. لسنا حُماة أجوبة، ولا حَمَلة رايات. نحن مشاةٌ على دربٍ طويل، نبحث في الهامش عن حقيقةٍ اختبأت في ثنايا التفاصيل. نرى في الحوار أكثر من وسيلة، نراه فعل وجود، وممارسة وعي، ومساحة تُبنى ببطء، بتروٍ، وبإيمان لا يتكئ على الضجيج. نؤمن أن السلام ليس اتفاقًا يُوقَّع، بل ممارسةٌ يومية تُغذّى بالصدق، وتُروى بالاحترام، وتُحمى بالمعرفة. نستمد قوتنا من التعدد، من قدرة الإنسان على الوقوف إلى جوار المختلف لا لمجرد التسامح، بل للاحتفاء بما يصنع الفارق. نُعيد الاعتبار للبيئة كامتدادٍ للذات، ونغرس الوعي الرقمي كأداة تحرر، لا كقيدٍ جديد. بشار العقاب، رئيس جدل.